“شابالا” يعصف بجنوب اليمن ويعري قواه السياسية

ى حين غرة ضرب إعصار “شابالا” المحافظات الجنوبية لليمن، الغارقة في حرب أهلية منذ انقلاب الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع على الشرعية في البلاد، لتكشف الكارثة عن عجز جميع المتحاربين عن مواجهة الأزمة والحد من معاناة المواطنين.

ربما لم يعصف إعصار “شابالا” بعدة مدن يمنية فقط، بل عصف بكل أطراف النزاع فياليمن، بعد أن كشف عجز الحكومة اليمنية الشرعية وقوى الانقلاب الحوثية وحتى تنظيم القاعدة عن مواجهة الكارثة الطبيعية.

وعصف شابالا بأرخبيل جزر سقطرى الواقعة (جنوب اليمن) بالمحيط الهندي، وهاجم مدينة المكلا عاصمة حضرموت، وضرب محافظتي شبوة والمهرة، وأغرق قرى بمياه الأمطار الغزيرة وفيضانات البحر، وقطع عن السكان سبل الحياة والكهرباء والهاتف، وساد الظلام والرعب والرياح غير المسبوقة، تلك المناطق وسكانها.

ويؤكد اليمنيون أن شابالا أقوى عاصفة مدارية تهب على بلدهم منذ عقود طويلة، كما لم يكن يتوقع كثيرون أن يهب إعصار على اليمن بينما هو يغرق في حرب مدمرة مع مليشيات الحوثيينالانقلابية وقوات حليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.

عجز كبير
“إعصار شابالا كشف مدى الانهيار الذي أصاب دولتنا وعجز الحكومة والأحزاب والقوى السياسية، والإنهاك الذي أصاب منظمات المجتمع المدني”، هذا ما قاله مدير مركز الجزيرة العربية للدراسات نجيب غلاب.

وأوضح غلاّب في حديث للجزيرة نت أن “الحكومة اكتفت بالأقوال لمواجهة الإعصار دون الأفعال، أما الحركة الحوثية الانقلابية فتعاملت معه باعتباره عقابا إلهيا لمحافظات حضرموت وسقطرى والمهرة وشبوة، وأن الطبيعة تحارب معهم بأمر من الله. أما تنظيم القاعدة المسيطر على مدينة المكلا بحضرموت، فقد أظهر عجزا تاما، بل عمل على إعاقة السلطة المحلية والمنظمات الإغاثية في مساعدة السكان”.

واعتبر غلاب أن “أعاصير الطبيعة أوهن من أعاصير الاٍرهاب وجماعات العنف وغباء الساسة، ومن يتابع التعاطف الشعبي مع المتضررين في حضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى، سيجد أن لحمة الهوية الوطنية على المستوى الشعبي قوية وعميقة”.

وأكد أن “المواطن اليمني يمتلك إرادة صلبة وقدرة كبيرة على تحمل الصعاب، ويتفاعل مع الشدائد بقلب صابر وروح باحثة عن النجاة، كما يمتلك قدرة فذة على التكيف والمقاومة، ويتحدى ويواجه أعاصير الحرب والانقلاب وحتى إعصار شابالا”.

فرصة للشرعية
من جانبه قال أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء عبد الباقي شمسان إن “شابالا جاء في لحظة نزاع حول الشرعية، وكان قدومه الكارثي فرصة للسلطة الانتقالية الشرعية لتؤكد عمليا أنها الطرف الشرعي والحامي للشعب، وبذلك يحدث الفرق بين المليشيات الانقلابية التي لا تكترث بواجبات والتزامات الدولة”.

واعتبر شمسان في حديث للجزيرة نت أن “كارثة الإعصار فرصة لاستعادة مكانة الدولة والسلطة الشرعية، كمعطى ثابت لا عرضي كما هو حال الانقلابيين الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع أو الجماعات المتطرفة كتنظيم القاعدة”.

وباعتقاد شمسان فإنه “ما زال الوقت والفرصة متوفرين للتدخل الإغاثي والإصلاحي بما يثبت السلطة الشرعية كمرجع وحيد لحماية المواطنين ورعايتهم”، داعيا الحكومة اليمنية إلى القيام بدورها المنفرد من حيث وظائفها عن الجماعات الانقلابية والمتطرفة، على حد قوله.