أحمد منصور يكتب: فرنسا تسقط فى فخ الهيستيريا والغضب

حالة من الهستيريا والغضب عمت أنحاء فرنسا وبرزت فى تصريحات الرئيس و الحكومة واليمن المتطرف فى أعقاب الهجمات التى تعرضت لها باريس يوم الجمعة الماضي ، وضاعت الأصوات العاقلة وسط المزايدات والصراخ ، الرئيس ورئيس الحكومة ووزير الداخلية الفرنسية رفعوا نبراتهم وتهديداتهم معلنين أن فرنسا تتعرض لحرب حتى أن الرئيس وصف داعش بالجيش ، ولم تكن النبرة العالية فى تصوري إلا هروبا من تحمل المسئولية وفشلهم من حماية الفرنسيين من هجمات قال رئيس الحكومة إنهم كانوا علي علم بها وهروبا كذلك من تحمل مسئولية تدخلهم فى حروب منطقة الشرق الأوسط معتقدين أنهم يمكن أن يكونوا آمنين حتى وهم علي بعد آلاف الأميال من نيرانها ، وقد تماهي مع إعلان حالة الحرب الرئيس اليميني السابق المتطرف نيكولا ساركوزي الذي ذهب إلي أبعد من ذلك مطالبا بفرض الأقامة الجبرية واعتقال كل من يهدد الجمهورية من المسلمين ، وهذا يعني حسب بعض المعلقين الذين تابعتهم علي قناة فرانس 24 اعتقال الآلاف من الفرنسيين المسلمين دون تهم أو البديل مراقبة ما يقرب من عشرة آلاف شخص علي مدار الساعة كل شخص منهم بحاجة إلي عشرين شخصا لمتابعته مما يعني أن فرنسا بحاجة إلي جيش من مائتي ألف فقط لمتابعة عشرة آلاف فرنسي مسلم ليسوا متهمين أو إرهابيين ولكنهم إرهابيون محتملون أو البديل الأخير والذي اتخذه وزير الداخلية الفرنسي بالفعل بحق أكثر من مائة حتى الآن بجعلهم رهن الأقامة الجبرية فى بيوتهم ، وزاد وزير الداخلية علي ذلك حيث هدد بإغلاق المساجد التى لا تحترم قيم الجمهورية علي حد زعمه ، وهذا يعني الدخول فى حرب مجتمعية دينية مع المسلمين الذين يزيد عددهم عن خمسة ملايين فرنسي ، أما وزير الدفاع فقد أعلن أن الطائرات الفرنسية بدأت فى ضرب معاقل تنظيم الدولة فى الرقة في سوريا ، كل هذه التصريحات الهستيرية ليست سوي ردود أفعال لأمة فقدت توازنها وصوابها وتفكيرها الهاديء وتتعامل بعاطفة جياشة مع أمر لا يمكن للتهديدات أو للقوة أن تقضي عليه ، وإلا كانت أمريكا نجحت وهي أقوي دول العالم عسكريا واستخباراتيا أن تقضي علي القاعدة أ وتنظيم الدولة أو تنتصر فى أفغانستان أو العراق ولا تخرج منهما تجر أذيال الخيبة والهزيمة ، إن قيم الجمهورية التى يتحدث عنها الساسة الفرنسيون هي احترام القوانين واحترام آدمية المواطنين وعدم استفزاز مشاعر ليس لخمسة ملايين مسلم فرنسي ولكن 45 مليون مسلم يعيشون فى أوربا يشكلون 7% من سكانها ومليار مسلم حتى لو كانوا كغثاء السيل ، وإلا كما قال البابا تعليقا علي أحداث باريس إنها الحرب العالمية الثالثة