رصد تقرير حديث أصدرته منظمة العفو الدولية جزءاً من الجرائم التي يرتكبها الانقلابيون في اليمن بحق المجتمع المدني والصحافيين والنشطاء، وقالت إنه يتعين على هذه الجماعة المسلحة أن تسمح لمنظمات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات غير الحكومية بالعمل بحرية في المناطق التي تمارس عليها سيطرة فعالة.
التقرير ذكر أن العفو الدولية تحدثت مع منظمة غير حكومية مختلفة في صنعاء، بعضها منها مغلقة حالياً، وأبلغت هذه المنظمات الباحثين بأنها تعرضت، هي ومنظمات أخرى، على مدى الأشهر الستة الأخيرة، لمزيد من المراقبة والضغوط من جانب جماعة الحوثي المسلحة، التي داهمت مقرات ما لا يقل عن 52 منظمة غير حكومية في صنعاء وأغلقتها.
وذكرت العفو الدولية أنه وفي كثير من الحالات، تمارس المنظمات التي استمرت في العمل الرقابة الذاتية وتتعرض لمعوقات بسبب مضايقة العاملين فيها وترهيبهم .
حيث أفاد بعض النشطاء والعاملين في المنظمات غير الحكومية الذين قابلتهم منظمة العفو الدولية على مدى الفترة من مايو إلى نوفمبر بأن جماعة الحوثي المسلحة بررت هذه الإجراءات بوصف المنظمات غير الحكومية بأنها «عميلة» للغرب «ومنظمات دولية».
27 منظمة
ومن بين المنظمات غير الحكومية السبع والعشرين التي تعرضت للمداهمة والإغلاق، استهدفت ست منظمات على الأقل بسبب الاعتقاد بارتباطها بأحد الأحزاب المناهضة للانقلاب وأفاد النشطاء، والعاملون في المنظمات غير الحكومية، وأسر المعتقلين بأن القيود على المنظمات غير الحكومية تأتي في إطار حملة أوسع على من يُعتَقَد أنهم معارضون للحوثيين من نشطاء أو جماعات.
وخلال عام 5102 كذلك تعرض العشرات من الصحافيين، والنشطاء، والشخصيات السياسية للاعتقال التعسفي، وهو ما وثقته منظمة العفو الدولية في مايو مداهمة المنظمات وإغلاقها.
مداهمات غير معلنة
تقرير العفو الدولية والذي كان حصيلة مقابلات ذكر أن أعضاء جماعة الحوثي المسلحة ومكتبها السياسي، نفذوا في الفترة بين مارس ويونيو سلسلة من المداهمات غير المعلنة للمنظمات غير الحكومية في صنعاء أفضت إلى إغلاق ما لا يقل عن 52 منظمة.
وأبلغ ممثلون لبعض المنظمات التي تعرضت لهذه المداهمات منظمة العفو الدولية بأن الجماعة المسلحة طالبت بمعلومات بخصوص تمويل هذه المنظمات وأنشطتها وفي بعض الحالات صودرت الملفات، والمعدات المكتبية، والأثاث واحتلت الجماعة المسلحة بعض المكاتب وتستخدمها الآن قواعد لعملياتها.
وذكرت عدة منظمات غير حكومية أن مسلحي جماعة الحوثي صادروا مبالغ نقدية عثروا عليها في المكاتب خلال مداهمتها ورفضوا إعادتها معتبرين إياها تبرعات للمجهود الحربي دعماً للمقاتلين الحوثيين في الميدان.
مصادرة أموال
وحسب إفادة موظف في جمعية خيرية طبية أُغلِقَت في إبريل فان سبعة مسلحين حوثيين «اقتادوا اثنين من حراس الجمعية إلى مركز شرطة واستجوبوهما، حيث سألوهما عما إذا كانا مرتبطيْن بأحد الأحزاب.
ولم يُطلَق سراحهما إلا بعد خمس ساعات ووصلا إلى الجمعية فوجدا أن المسلحين الحوثيين احتلوا المكاتب ونهبوا كل محتوياتها. وصادروا 152 دولاراً أميركياً تخص أحد الحارسين وأبلغوهما بأن الجمعية الخيرية ستظل تحت سيطرتهم. ولم يبقوا على شيء، فقد احتلوا حتى المركز الطبي والصيدلية, كل ما فعلناه هو أننا كنا نقدم خدمات طبية مجانية للفقراء والسجناء كان المئات يعتمدون عليها».
وأبلغ محمد، وهو مدير وحدة الرعاية الاجتماعية في جمعية خيرية معنية بالتنمية، منظمة العفو الدولية بأن الجمعية تعرضت للمداهمة في 1 أبريل في ذلك اليوم، قرابة التاسعة مساء، طرق شخص ما باب المكتب ففتحه الحارس ليجد 11 مسلحاً.
وعندما اتصل الحارس وأبلغنا، طلبنا منه أن يدعهم يدخلوا للتفتيش. وما أن دخلوا المكاتب حتى شرعوا في انتزاع الأقراص الصلبة من أجهزة الحاسوب، ومصادرة الملفات ونقلها إلى سياراتهم، ثم احتجزوا الحارس خمس ساعات في مكان غير معلوم.
واحتجزوا كذلك الشخص المسؤول عن وحدة التخزين ثلاثة أيام ولم يطلقوا سراحه إلا بعد أن أجرينا بعض الاتصالات بوسطاء. وبعد ثلاثة أيام داهموا كذلك مركزنا الطبي، ونهبوا كل محتوياته بعد ذلك يوم 25 مايو.
إنذار المنظمات
وقال النشطاء الذين تحدثوا إلى منظمة العفو الدولية إن جماعة الحوثي المسلحة أنذرت المنظمات غير الحكومية خلال الاستجوابات والمداهمات بأن عليها أن تعمل تحت إشراف الحوثيين وإلا أُغلِقَت نهائياً. وقال أعضاء جماعة الحوثي المسلحة للمنظمات غير الحكومية أثناء المداهمات والاستجوابات أنه يجب ألا توثق الانتهاكات التي يرتكبها الحوثيون وحلفاؤهم. و
أبلغت إحدى المنظمات منظمة العفو الدولية أنه من أجل مواصلة أنشطتها بدلاً من إغلاقها قررت أن تعمل تحت إشراف جماعة الحوثي المسلحة التي تراقب كل أنشطتها وتقرها مسبقاً.
ترهيب النشطاء
استمر التحرش بالمنظمات غير الحكومية التي لم تُغلَق طوال شهري يوليو وأكتوبر. وأبلغت عدة منظمات غير حكومية لم تتعرض للإغلاق منظمة العفو الدولية بأنها تشعر بالقلق بخصوص قدرتها على العمل بفعالية في ظل مناخ الترهيب الحالي والتهديدات التي تتعرض لها من جماعة الحوثي المسلحة.
وقالت بعض المنظمات إنها قررت الحد من أنشطتها أو تقليصها حتى تتمكن من العمل، واضطر بعضها للجوء للعمل سراً. وأبلغ بعض النشطاء، وكذلك موظفو المنظمات غير الحكومية ومديروها، منظمة العفو الدولية بأنهم يخشون على سلامتهم وسلامة أسرهم.
وقال العديد منهم إنهم تلقوا اتصالات هاتفية ورسائل من مجهولين «تنصحهم» بوقف أنشطتهم المشروعة. ويشتبه بعضهم في أن تحركاتهم واتصالاتهم تتعرض للمراقبة وأن خطوط الهاتف في المكاتب يجري التنصت عليها. واعتُقِلَ بعض الموظفين والمديرين تعسفياً.
وفي أغسطس أبلغ أحد المدافعين عن حقوق الإنسان منظمة العفو الدولية بأنه يتلقى تهديدات لأسرته: قالوا لي إن لم أتعاون وأعمل معهم، فسيقتلونني أنا وأسرتي. وقالوا لي إنهم يعرفون كيف يصلون إلى زوجتي وإنهم يعرفون مكان سكني إذا لم أكف عن نشاطي في مجال حقوق الإنسان.
وهددوني باستمرار بالاعتقال وخلال أحد الاستجوابات سألوني عن أنشطة منظمتي، وصلاتنا بالولايات المتحدة، وما هي المعلومات التي نزود بها الولايات المتحدة، وصلاتنا بمنظمة العفو الدولية، ومن أين نحصل على تمويلنا. وأنا حالياً رهن الإقامة الجبرية واحتُلَّت منظمتي وأُغلِقَت لأنني لم أتعاون معهم.