200 يوم من عاصفة الحزم في اليمن.. ما الذي تحقق؟

دخلت عاصفة الحزم، التي أطلقتها السعودية بقيادة تحالف عربي في 26 مارس/ آذار الماضي، لدعم شرعية الرئيس “عبد ربه منصور هادي”، يومها الـ 200، أمس الأحد، دون تحقيق الكثير من أهدافها، وفقًا لمراقبين.

وبعد أكثر من 6 أشهر من المعارك والغارات الجوية التي تشنها مقاتلات التحالف العربي على مواقع مسلحي حركة أنصار الله “الحوثي” وقوات الرئيس السابق “علي عبد الله صالح”، لم تنجح العاصفة في كسر شوكة “تحالف الحرب الداخلي”، الذي تتهمه الحكومة بالانقلاب على الشرعية، رغم أنها قصت الكثير من مخالبه.

وتقول الحكومة اليمنية وقوات التحالف العربي، إن 75% من الأراضي اليمنية باتت تحت سيطرتهم، بعد أن كانت قوات الحوثي وصالح قد أحكمت قبضتها على ثلثي الأراضي اليمنية، قبل انطلاق عاصفة الحزم.

في التقرير التالي، سلط الضوء على أبرز الإنجازات التي حققتها عاصفة الحزم، بعد مرور 200 يوم على انطلاقها، وماذا تبقى في طريقها، وحجم خسائر اليمنيين في الحرب.

– تحرير “العاصمة المؤقتة” عدن و4 محافظات جنوبية

كانت عملية اجتياح الحوثيين لمدينة “عدن”، جنوبي اليمن، التي أعلنتها الحكومة عاصمة مؤقتة لليمن في فبراير/ شباط الماضي، سببًا في انطلاق عملية عاصفة الحزم، وكانت المدينة الأولى التي يتم دحرهم منها.

وفي منتصف يوليو/ تمّوز الماضي، أعلنت الحكومة اليمنية تحرير عدن رسميًا من الحوثيين، في عملية مشتركة قادتها قوات الجيش والمقاومة الموالين للرئيس هادي، مسنودين بقوات من التحالف العربي وغطاء جوي لمقاتلاته.

وبعد تأمين عدن، تم تطهير محافظات، لحج والضالع وأبين وشبوة، جنوبي البلاد، حيث تقدمت قوات برية ضخمة مسنودة بغطاء جوي من عدن، ونجحت في دحر الحوثيين إلى حدود المحافظات الشمالية.

ومنذ سبتمبر/ أيلول الماضي، باتت جميع المدن الجنوبية الثمان (حضرموت والمهرة وسقطرى لم تقع تحت سيطرة الحوثيين)، تحت قبضة الحكومة اليمنية، باستثناء جيوب صغيرة لمسلحي الحوثي في “بيحان” بشبوة، وبعض المناطق الحدودية مع المحافظات الشمالية.

– عودة حكومة خالد بحاح إلى عدن

ثاني أبرز المكاسب التي حققتها عاصفة الحزم، هو عودة الحكومة اليمنية برئاسة “خالد بحاح” لممارسة مهامها الرسمية من عدن، بعد نفي دام ستة أشهر في العاصمة السعودية الرياض.

ويرى مراقبون أن عودة “بحاح”، في 16 سبتمبر/ أيلول الماضي، كانت من أقوى الصفعات التي تلقاها الحوثيون وصالح، وأكّدت أن الشرعية الدستورية أفشلت الانقلاب وعادت لممارسة مهامها من داخل البلاد.

ترأس بحاح اجتماعات رسمية في عدن، ودَشَّن العام الدراسي، وزار مضيق باب المندب الاستراتيجي، قبل أن يتعرض الثلاثاء الماضي لمحاولة اغتيال، عندما انفجرت سيارة مفخخة أمام مقر إقامته في “فندق القصر” بعدن.

ظهر بحاح في اليوم ذاته، وحمّل تحالف الحوثي وصالح مسؤولية الهجوم الانتحاري الذي تبناه تنظيم داعش، وأسفر عن مقتل جنود حراسة يمنيين وعرب.

قال بحاح إن الهجوم الإرهابي لن يحقق أهدافه بجعلهم يتركون عدن، لكنه غادر صباح الأحد إلى الرياض مجددًا، بشكل مفاجىء.

مصادر حكومية قالت للأناضول، إن سفر بحاح للرياض مؤقت، وبناء على طلب الرئيس هادي للتشاور، خصوصًا مع أحاديث حكومية عن عدم امتلاكها لموارد مالية تمكنها من القيام بمهامها، حيث مازال الحوثيون يديرون ميزانية الدولة والبنك المركزي من صنعاء.

– عودة هادي إلى عدن

بعد أيام من عودة الحكومة، عاد الرئيس “عبد ربه منصور هادي” هو الآخر إلى عدن في 22 سبتمبر/ أيلول الماضي، فيما كان الحوثيون يحتلفون في صنعاء، بالذكرى الأولى لاجتياحهم العاصمة اليمنية.

تحدى “هادي” التحذيرات التي أطلقها الرئيس السابق “صالح” في تصريحات للصحافة، والتي قال فيها إن هادي “لن يعود إلى اليمن”.

ترأس هادي في عدن اجتماعات للحكومة ولفصائل المقاومة المسلحة من محافظات مختلفة، وزار قصره الرئاسي المدمر ومقر القوات الخاصة السعودية والإماراتية المرابطتان في عدن منذ تحريرها من الحوثيين.

في  27 سبتمبر/ أيلول، غادر هادي “عدن” إلى نيويورك، لإلقاء كلمة اليمن في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 70، ومن هناك، قال إنه لن يسمح بتكرار “التجربة الإيرانية في اليمن”.

عاد هادي بعدها إلى “جدة” السعودية، ولا يُعرف ما إذا كان سيعود إلى اليمن، أم أن نائبه “خالد بحاح”، الموجود في الرياض للمشاورة، سيخلفه في إدارة شؤون الدولة من عدن.

– استعادة مأرب ومنابع النفط

خلافًا لمعركة استعادة مدن الجنوب، احتاجت القوات المشتركة، المؤلفة من الجيش الموالي لهادي والمقاومة وقوات التحالف العربي، إلى أكثر من 4 أسابيع لدحر الحوثيين من محافظة مأرب النفطية، شرقي اليمن.

وأعلن الجيش اليمني وقوات التحالف، اليومين الماضيين، تحرير مأرب بالكامل، رغم أنباء عن وجود جيوب للحوثيين في المناطق الحدودية للمحافظة مع شبوة والجوف وصنعاء، وتحديدًا في “مجزر” و”حريب”.

وقال سكان محليون للأناضول، أن الحياة عادت إلى مدينة مأرب بعد دحر الحوثيين، وأن التيار الكهربائي عاد للمحافظة منذ الجمعة الماضية، بعد انقطاع دام أشهر.

و كلفت معركة مأرب أطراف الصراع عشرات الضحايا، ففي حين لم يعلن الحوثيون والقوات الموالية لهادي عن قتلاهم، أعلنت الإمارات رسميًا استشهاد نحو 55 جنديا لها، فيما أعلنت السعودية استشهاد 10 جنود.

– استعادة باب المندب

شكلت عملية تحرير مضيق باب المندب، التحدي الأكبر لقوات التحالف العربي، نظرًا لحساسية المعارك في المضيق الاستراتيجي على ممر الملاحة الدولية.

وقالت مصادر عسكرية للأناضول، إن عملية التحرير تمت من خلال عملية عسكرية خاطفة، لم تتجاوز 5 ساعات، حيث تمكنت القوات المشتركة الموالية لهادي من تأمين “جزيرة ميون” المشرفة على ممر الملاحة، ومضيق باب المندب الاستراتيجي، التابع لمحافظة تعز، والتقدم نحو مديرية “ذوباب” الواقعة على البحر الأحمر.

و قالت مصادر عسكرية للأناضول، إن معركة باب المندب كلفت التحالف 27 قتيلًا وعشرات الجرحى، فيما قتل 50 مسلحًا حوثيًا.

– الأهداف القادمة للتحالف: تعز وسواحل البحر الأحمر

باتت محافظة تعز، وسط اليمن، هي الميدان الوحيد الآن، الذي تدور فيه المعارك بين التحالف العربي وقوات هادي من جهة، والحوثيين وقوات صالح من جهة أخرى، وبالفعل تم تأمين “ذوباب” والتقدم في “الوازعية”، في طريق ميناء “المخا” التاريخي.

ومنذ أيام، يشن التحالف قصفًا بحريًا وجويًا غير مسبوق على مواقع الحوثيين في “المخا” و”الخوخة” وفقًا لشهود عيان للأناضول، في تمهيد للسيطرة عليها وبدء عملية إنزال بحري لعتاد حديث في ميناء المخا، المنفذ البحري الوحيد لـ “تعز”.

ووفقًا لمصادر حكومية للأناضول، فإن الهدف القادم للتحالف، يتركز على التقدم والسيطرة على جميع السواحل اليمنية على البحر الأحمر، من “المخا” وحتى “ميدي”، لقطع كافة الامدادات على الحوثيين واحتمال تهريب أسلحة لهم عبر البحر.

– معركتي صنعاء وصعدة

لم يحدد التحالف موعد خوض معركة العاصمة صنعاء، رغم تلويحه بها قبل أسابيع.

ومنذ نجاحه في تأمين مأرب المتاخمة للعاصمة، بدأ الحوثيون، السبت الماضي، تدشين حملة “المليون توقيع” لما يسمى بـ”الشرف القبلي”، الذي يدعوا كافة القبائل المحيطة بالعاصمة صنعاء إلى حمايتها من أي قوات قد تزحف إليها.

وقال سكان للأناضول، أن الحوثيين بدأوا بحفر خنادق في الجبال المحيطة بصنعاء ، كذلك الحال بالنسبة لمعاقلهم في صعدة.

ويتوقع أن يتم الزحف صوب صنعاء من قبل التحالف وقوات هادي من اتجاه مأرب، فيما سيتم الزحف صوب صعدة من ناحية الجوف.

– المحافظات التي مازالت في قبضة الحوثي كاملة

رغم مرور 200 يوم على الحرب، إلا أن الحوثيين ما زالوا يمتلكون مدينة الحديدة وميناءها، غربي اليمن، ومدينة حجة (شمال غرب) والتي تمتلك ميناء “ميدي” ومديريات حدودية مع السعودية، وصعدة وعمران، أحد أبرز معاقلهم الرئيسية والتي تنتج المقاتلين القبليين.

وفي الوسط، وبالإضافة إلى العاصمة صنعاء، يسيطر الحوثيون على “ذمار” و”إب”، وسط اليمن، و”المحويت” و”ريمة” و”الجوف”، وجميعها محافظات شمالية لم تدر فيها معارك ميدانية، واقتصرت المواجهات ضدهم شمالًا في “تعز” و”مأرب” و”البيضاء”.

– الشمال: المعركة الأصعب

يعترف التحالف أن المعركة في المحافظات الشمالية، تختلف عن تلك التي حررت مدن الجنوب الخمس في غضون خمس أيام.

وقال العقيد “إبراهيم آل مرعي” في منشور له على تويتر “تحرير الجنوب كلفنا 6 جنود خليجيين، فيما خسرنا 64 جنديًا في مأرب قبل أن تبدأ المعارك”.

واحتاج التحالف إلى شهر لحسم معركة مأرب، ويبدو أن الوضع سيتعقد كلما تقدموا في مدن شمالية تعد معاقلا للحوثيين، ولهم حاضنة شعبية فيها مثل “الجوف” و”صعدة” و”صنعاء” و”ذمار” و”عمران” و”حجة”.

إلى ذلك، يرى مراقبون أن التحالف سيسلك أولا طريق سواحل البحر الأحمر جميعها من أجل تأمينها، ثم يقرر التوغل فيما بعد بمناطق نفوذ الحوثيين وقوات صالح في الشمال اليمني.