عقبات كثيرة أمام السلام في اليمن

أبلغ الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مجلس الأمن الدولي أن التحالف الدولي سيوقف الغارات ابتداء من منتصف الشهر الجاري، بالتزامن مع بدء محادثات السلام في سويسرا.

 

وأضاف هادي إن هذه الهدنة التي ستستمر سبعة أيام قابلة للتمديد إذا ما التزم الحوثيون واتباع الرئيس السابق علي عبدالله صالح بذلك.

 

 

يشكل الإعلان عن موعد استئناف المباحثات بشأن اليمن خطوة مهمة واختراقا كبيرا للمبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ خصوصا وأن هذه المباحثات ستقوم على جدول أعمال متفق عليه هو أشبه بإعلان مبادئ، لكن عوائق كثيرة ورئيسية لاتزال تقف أمام التوصل إلى اتفاق نهائي للحرب واستئناف المسار السياسي، بقدر التحديات التي يواجهها اليمن في الجوانب الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.

 

 

ويتوجه المتحاربون في اليمن إلى أحدى القرى السويسرية، ليكونوا بعيدا عن الصحفيين لكن أمامهم أجندة مليئة بالألغام والتحديات، هناك خطوات لبناء الثقة ينبغي القيام بها والهدنة التي أعلن عنها الرئيس هادي واحدة من القضايا التي لا يمكن الرهان عليها في ظل عدم وجود مراقبين، إذ باستطاعة أي طرف اتهام الطرف الآخر بخرق هذه الهدنة.

 

 

كذلك الأمر فيما يتعلق بملف انسحاب المسلحين الحوثيين من المناطق التي يسيطرون عليها لا توضح وثيقة المبادئ كيف سيتم ذلك ومن هي الجهة التي ستتسلم هذه المناطق حتى لا تسقط بيد الجماعات الإرهابية كما حصل في عدن وأبين، وبالمثل، فإن موضوع تسليم الأسلحة التي استولى عليها الحوثيون من معسكرات الجيش لا توجد آلية واضحة لكيفية إتمام هذه العملية، ولا توجد جهة قادرة على تحديد كمية ونوع الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها وكم دمر منها في الحرب.

 

 

الأمل يتعزز لدى البسطاء في اليمن الذين دمرت الحرب كل شيء فيها، لكن المتحاورين لديهم كم كبير من عوامل إفشال أو إعاقة التوصل إلى سلام دائم، إذ أن النص على انسحاب الجماعات المسلحة من المدن وتسليم الأسلحة لا يقدم تفسيرا واضحا لوضع قوات الحرس الجمهوري وقوات الأمن المركزي التي ماتزال تدين بالولاء للرئيس السابق، وتقاتل مع الحوثيين في مختلف الجبهات.

 

الأمر كذلك فيما يخص استئناف المسار السياسي الذي يفترض أن يعقب الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار، فهذا النص لا يقول ماهو المسار السياسي الذي سيتم استئنافه، إذ أن لدى الحوثيين تفسيرا مختلفا عن تفسير الجانب الحكومي، فهم يطالبون باستئناف الحوار الذي توقف مع بداية عمليات التحالف العربي في اليمن، فيما يتمسك الجانب الحكومي بضرورة استكمال تطبيق مخرجات الحوار الوطني التي يعارضها بشدة تحالف الحوثيين والرئيس السابق خصوصا موضوع تقسيم الدولة إلى ستة أقاليم.

 

تعقيدات الحالة اليمنية تحمل في مضامينها مؤشرات للحل وأخرى لاستمرار الصراع، لكن العامل الخارجي هو الفاصل في القضية، إذ أن المخاوف الكبيرة لدى المجتمع الدولي من تنامي قوة تنظيمي “القاعدة” و”داعش” الإرهابيين، تشكل أهم عوامل الضغط الدولي على الأطراف الإقليمية والمحلية للقبول بتسوية سياسية وتنازلات حقيقية تجنب اليمن الاستمرار في الدمار الذي خلق بيئة ملائمة لنمو وتوسع جماعات الإرهاب والعنف.

 

على أن فشل الحسم العسكري بعد تسعة أشهر على القتال وعجز أي طرف عن الادعاء بتحقيق الانتصار على الطرف الآخر يشكل اليوم واحدة من عوامل التفاؤل بإمكانية التوصل إلى حل سياسي يرضي الأطراف المتحاربة، رغم قتامة الأوضاع والاقتصادية والاجتماعية وتفاقم المعاناة الإنسانية للسكان لكنها تظل خارج حسابات المتحاربين.