أعرب العديد من المحللين السياسيين اليمنيين عن مخاوفهم من انهيار الوضع العسكري والسياسي في اليمن إلى أن يصبح نسخة من الوضع المأساوي في سوريا، في ظل (هشاشة الدولة) وخلخلتها من الداخل والخارج.
وقالوا لـ»القدس العربي» ان «مشكلة اليمن انه يعيش بسلطة شرعية بدون قوة مهيمنة، وقوة متمردة بدون شرعية»، في إشارة إلى وقوع اليمن بين حكومة الرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي الضعيفة وقوة المتمردين الحوثيين المتمترسة وراء الجيش السابق للدولة الذي يدين بالولاء للرئيس المخلوع علي صالح وكذا المستقوية برجال القبائل المتحوثين.
وأوضحوا أن «مشكلة الدولة وسلطتها الشرعية أنها تعيش بدون رؤية واضحة وبدون هدف واضح لحلحلة الوضع في اليمن، والاسراع في دحر المتمردين الحوثيين ومن يقف وراءهم من قوات المخلوع علي صالح».
وشددوا على أن «أي تأخير في حسم المعركة على الأرض، سيرفع فاتورة وكلفة استعادة الدولة، كما قد يدفع بالوضع اليمني إلى تكرار مأساة سوريا في اليمن، ونسخ تلك التجربة بطريقة قد تكون أكثر مأساوية، في ظل اختلاف استراتيجية دول التحالف الرئيسية في حسم المعركة في اليمن وتضارب وجهات النظر لديها حيال ذلك».
وتتضاعف المشكلة عندما تجد هذه الاختلافات أرضية خصبة لها داخل أروقة السلطة اليمنية، والتي كانت لها آثارها السلبية على تأخر حسم المعركة في تعز والعديد من المناطق الأخرى، وفي مقدمتها العاصمة صنعاء.
وقال الكاتب السياسي أحمد عثمان «علينا أن نعرف أن المقاومة اليمنية هي مقاومة شعبية، عملها مقاومة الغزاة لكن امكانياتها محدودة، وتحتاج معركة التحرير إلى قيادة وإدارة مثابرة وواحدة تحرك الطاقة اليمنية المقاومة وامكانيات دول التحالف لتحقيق التحرير، وهذا الأمر بيد دول التحالف».
وأضاف «لكن الملاحظ أن الأمور تسير على البركة، مع غياب لافت لغرفة تنسيق عملياتي محكم ومرن مع المقاومة في معركة تعز و(جبهة الشريجة) نموذج لهذا الغياب غير المبرر وغير المفهوم مع وجود عوامل الحسم لصالح التحالف والمقاومة فيما لو سارت الأمور كما تسير أي معركة مصيرية تديرها دول».
ويرى العديد من المراقبين أن الوضع في اليمن، قد ينحدر إلى ما هو أسوأ من تجربة سوريا إذا لم تقم دول التحالف العربي بدورها العاجل في انقاذ الوضع، بسبب البنية القبلية المسلحة والفقر المدقع المتفشي فيها وحالة الإفقار التي خلفتها حرب السبعة الاشهر الماضية. وأعربوا عن خشيتهم من انشغال المملكة العربية السعودية، قائدة لواء التحالف العربي، بالتصعيد الروسي على السعودية وعلى تركيا وقطر، على خلفية إسقاط أنقره للطائرة الروسية الاسبوع الماضي على حدودها مع سوريا، والتي تنذر بحرب إقليمية بدت بوادرها تلوح في الأفق، أو على أقل تقدير أزمة حادة قد تعصف بالمنطقة ومن المؤكد أنها قد تشغل هذه الدول عن دعم الوضع العسكري في اليمن.
ويرجع العديد من العسكريين اليمنيين أسباب النتائج المتواضعة للمعارك على الأرض ضد المتمردين الحوثيين وقوات المخلوع، رغم وقوف أكثر من 10 دول بكل ثقلها هي قوام التحالف العربي وراء دعم السلطة الشرعية في اليمن، إلى «هذا الإرباك الحاصل يمنيا ولدى دول التحالف والذي استغله المتمردون الحوثيون وقوات المخلوع في استعادة أنفاسهم كلما تعرضوا لضربات قاضية، رغم أنهم قد لا يحتاجون لأكثر من أسبوعين في القضاء عليهم لو وجدت الإرادة والعزيمة والقرار الجاد لتحرير المحافظات اليمنية».
وفي المقابل بدأت العملية الدبلوماسية تأخذ مجراها بشكل مكثف بضغوط من المجتمع الدولي والأمم المتحدة تحديدا، في محاولة منها للابقاء على ميليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح كجزء من المشهد السياسي المستقبلي في البلاد، وعدم رغبتها في القضاء عليهم نهائيا، ربما حتى لا يتحولوا إلى عصابات تخريبية ويحولوا المعركة إلى حرب عصابات في حين تم إقصاؤهم من المشهد السياسي في البلاد. إلى ذلك ذكرت العديد من المصادر السياسية أن هناك تحركات دبلوماسية مكثفة تهدف إلى إخراج المخلوع علي عبدالله صالح من اليمن، وهو ما يرفضه بشدة، ويكرر مرارا أن «الذي سيخرجه من اليمن لم تولده أمه بعد».
وأشار بعض السياسيين اليمنيين القريبين من الرئاسة إلى أنه «تقف وراء المساعي الدبلوماسية لإخراج صالح من اليمن ومن المشهد السياسي للأبد جهات محلية وخارجية»، دون الكشف عن هوية هذه الجهات.
وأكد مصدر دبلوماسي لـ»القدس العربي» أن هناك وساطات إقليمية تحاول لعب دور في هذا الموضوع لإخراج صالح من اليمن وانسحاب ميليشياته من المناطق التي تسيطر عليها وفي مقدمتها العاصمة صنعاء، مقابل التوقف عن ملاحقته وأفراد أسرته في المحافل القضائية الدولية وتجميد قرار مجلس الأمن ضدهم الذي يقضي بتجميد أموالهم وممتلكاتهم حول العالم ومنعهم من السفر.