نتائج جنيف 2 لم تختلف عن التوقعات التي قلناها سابقاً فوفد الحوثيين وصالح لم يذهبوا بحثا عن الحل السياسي كاستراتيجية وحيدة ونهائية بل ذهبوا للمطالبة بتوقيف عمليات التحالف العربي ضدهم كمليشيا انقلبت على الدولة. فمن الطبيعي ألا تصل الاطراف إلى نتائج طالما الطرف الانقلابي لا يملك تفويض ولا يعرف ماذا يريد بالضبط من المشاورات.
يروي البعض أن الامم المتحدة كانت تضع أمام مقاعد وفد الشرعيه عبارة وفد الحكومة بينما وفد الانقلابيين لم يكتب ام مقاعدهم شيء فهل الامم المتحدة لا تعلم ماهي صفة تمثيل الانقلابيين بجنيف ام انهم فعلا وفد مجهول الهويه لا يمثل احد ولا يعرف لماذا حضر لجنيف ؟
وفد الحوثيين في جنيف يسعى لإحدى أمرين إما إيقاف عمليات التحالف العربي ليتسنى لهم فرض مشروعهم الانقلابي بوجهه الطائفي.
أو تدويل القضية بحثاً عن تدخل دولي ينقذ وضعهم الحرج لا سيما بعد الانتصارات التي حققها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في جبهتي مأرب والجوف وجبهة حرض وميدي وجبهة البقع صعده.
وفد الحوثيين والمخلوع صالح تقدموا بمبادرة جديدة هدفها إعادة المشاورات إلى نقطة الصفر للبدء من حيث انطلقوا مع المبعوث الأممي فيما كان يعرف بإتفاق مسقط أو وثيقة مسقط، وهي تركز على وقف دائم لإطلاق النار، ورفع الحصار الذي يفرضه التحالف العربي على حدود اليمن البرية والبحرية والجوية، وإجلاء القوات الخارجية – حد قولهم- من اليمن البرية والبحرية والجوية، بالإضافة إلى بنود أخرى فضفاضة.
وهذه الأجنده الجديدة التي احتدم النقاش حولها يوم السبت الفائت هي محاولة هروب من المناقشات بشكل كلي لأن المناقشات كانت قد تمحورت حول نقطتين إجرائيتين لإعادة بناء الثقة:
الأولى : الإفراج عن المعتقلين السياسيين والناشطين في سجون المليشيات وأنصار المخلوع.
والثانية: فك الحصار عن المدن والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وخاصة إلى مدينة تعز.
حاول وفد الحوثيين التهرب منهما وطرح تلك الأجندة الجديدة ولكن المحاولة بائت بالفشل نظراً لإدراك الأمم المتحدة عدم جدية الانقلابيين في الدخول في مفاوضات سياسية حقيقية تؤدي إلى حل جذري وعودة الدولة اليمنية.
كل محاولات الانقلابيين السياسية تأتي من قبيل البحث عن طريقة لتدويل القضية أو تحويل اليمن إلى مسرح للتدخلات الدولية كسوريا، وهم يعتقدون أن ذلك ممكنا وأنه سيسمح لهم بالاستمرار والسيطرة.
فهم لا يحاورون من منطلق البحث عن حلول عملية ومخارج سياسية بقدر ما يستخدمون الحوار تكتيكا لفرض أجندة عسكرية، ولهذا عمدوا من اللحظة الأولى لخرق الهدنة طمعا في التوسع والسيطرة المباغته وهو ما لم يتحقق لهم وأدى إلى نتائج عكسية حققت انتصارات كبيرة للجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
الحقيقة التي يجب البوح بها كما تجلت في جنيف 1 وجنيف 2 هي أن الحوثيين والمخلوع لا يمتلكون اتخاذ القرار بشأن إيقاف الحرب والعدول إلى الحل السياسي فهذا بات أمراً يختص بإيران مباشرة ولو من وراء ستار وهذا ما تؤكده ويؤكده تواجد المستشارين الإيرانيين إلى جوار وفد الانقلابيين في كل جنيف 1و2، وكلما حاول المبعوث الأممي التوصل معهم إلى أجنده واضحه قدم لهم المستشارون الإيرانيون طريقة لإفشالها.
إيران لا تريد حلاً سلميا ولا سياسياً في اليمن ولو لم يتبقى للانقلابيين سوى بضعة كيلو مترات لأنها تريد أن تحضر في قلب المشهد اليمني كوصي تاريخي على اليمن بحكم نزعة التمذهب والتشيع وكخصم للمملكة ودول التحالف.
ومن هذا القبيل ستظل تدفع بالانقلابيين الى تصعيد المواقف الحربية وإفشال كل المفاوضات واتخاذها مجرد تكتيك لكسب تعاطف دولي يؤدي إلى توقف عمليات التحالف واستمرار حرب المليشيات الحوثية على اليمنين في الداخل.
ولعل في البيان الأخير الصادر عن مكتب المليشيات الحوثية بصنعاء ليلة البارحة ما يؤكد ذهاب هذه المليشيات باتجاه التصعيد العسكري ربما باستخدم منظومات حربية جديدة لإحداث مجازر عظيمة تخيف اليمنيين حد قول المليشيات.
فهي تهدد باستخدام الخيارات الصعبة وهذا التهديد يتوجه بالدرجة الأولى للشعب اليمني وكأنها تقول إذا أصر الشعب على التحرر والانعتاق من قبضتها النارية فسوف تحرق الأرض اليمنية بمن عليها، ولا يستبعد أن تكون قد حصلت في الفترات السابقة على أسلحة محرمة من إيران أو غيرها.
هذه المليشيات لا تعرف العمل السياسي ولا تؤمن بالدولة التي تمثل إرادة الشعب ولن يجدي معها الحوار نفعاً، وهي لن تسلم إلا بالقوة وفرض إرادة الشعب عبر الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وحينها ستخرج من صنعاء وكافة المدن اليمنية صاغرة لتعود جحورها في كهوف مران.
المشهد اليمني يصير إلى حسم عسكري لصالح السلطة الشرعية ولصالح الشعب اليمني والدولة المختطفة وسوف تشهد الأيام القادمة تقدما كبيرا للجيش الوطني والمقاومة الشعبية على كل الجبهات لا سيما بعد وضوح الصورة المشوهة التي كانت المليشيات تصدرها للجمهور اليمني، فقد بات واضحاً أن هذه المليشيات لا ترغب في سلام ولا استقرار ولا تجيد سوى القتال والدماء والدمار.
وهذا ما سيجعلها تخسر الحاضنة القبلية المحيطة بصنعاء والتي سئمت عنجهية وعجرفة هذه الكائنات البيداغوجية التي لا تفهم معنى الدولة والسلطة ولا النظام القانون.
لكن رغم هذا كله نؤكد أن مصير هذه المليشيات هو الزوال لا محالة وأنه لا خيار للشعب اليمني سوى استرداد دولته المختطفه واستعادة سلطته الشرعية وبناء مؤسساته الضامنه.
وإننا لنرى قرب انتصار إرادة الشعب على كل الخيارات التي تهدد بها المليشيات ونعدها ظاهرة إرهابية مؤقته لا تعبر عن طبيعة البيئة اليمنية وستزول سريعا بإذن الله.