في جنيف، ستكون مفاوضات، وليس مشاورات كما تقول صيغة مضللة يتم تسويقها للعبور الى النسخة 2 من “سيرك” الأمم المتحدة.
هناك تصعيد للعمليات الحربية في أكثر من منطقة وجبهة، بصورة تؤكد انهماك الميليشيات في مخطط يمثل امتدادا للتمرد، والرغبة في حيازة مزيد من الاراضي لتكون رقما اضافيا على طاولة المفاوضات.
هذه الطريقة تعني شيئا واحدا: على الطرفين البحث عن صيغة مقبولة للميليشيات اولا، تلبي شروطهم في وجود مؤثر وجوهري في المرحلة المقبلة.
سموها صيغة اقتسام جديدة لا تنهي الانقلاب والتمرد على الشرعية واستعادة الاسلحة الثقيلة، بل تقتسم السلطة مع الانقلابيين!
لن تكون قوة مشروعية السلطة المسنودة بشرعية دولية، هي الحاسم، بل الوزن الحقيقي على الارض عسكريا للمتمردين.
هذا ما تقوله الوقائع على الارض، وهذه هي الصيغة المفضلة لقوى اقليمية ودولية، وللامم المتحدة نفسها!
تتحدث بنود المسودة المسربة لجدول اعمال جنيف 2 في بعضها عن الخطوات المقبلة التالية للمفاوضات ابرزها ” الحفاظ على مؤسسات الدولة وتحسين ادائها”.
علينا ان ننتظر الأسوأ من هذه النافذة ، وسيكون علينا تفسير هذا النص بانه إشارة مركزة وجوهرية الى ” الجيش والاجهزة الامنية” المساندة للإنقلاب والمتورطة بجرائم حرب ضد اليمنيين.
تصريحات المتحدثين باسم الميليشيات، الاستباقية في هذا السياق، تشدد على ان الحلف الانقلابي لن يسمح ” بالمساس بالقوات المسلحة واللجان الشعبية” !
هم يضغطون على الارض لتثبيت ماتبقى من المكاسب او حيازة اخرى، ليصبح وجودها المقبل ،استحقاقا تفاوضيا مقرا باتفاق، ترعاه الامم المتحدة.
حدوث ذلك سيعني ان المجتمع الدولي يعيد هندسة المشهد اليمني، بطريقة تضمن حتما، اطلاق دورات صراع وعنف جديدة في المستقبل .
سنقع في نفس الفخ السابق وبصورة أفدح، فالجيش الطائفي واذرع صالح الامنية التي قتلت اليمنيين ملتحمة بالميليشيات، ستستمر كقوة ، وسيتعين على التسوية اعادة انتاجها بصيغة تمنح صالح او أسرته دورا في المستقبل.
ستخضع البلاد مجددا لمفاصلات تقوم على ابتزاز القوة غير المشروعة، لبناء سلطة توافقية جديدة، مسنودة بمؤسسة جيش اسمية لكنها في الاصل ستمثل اذرع واجنحة لشركاء يتربصون ببعضهم ، وفي لحظة ما ستنفجر مدوية بوجه الجميع.
تميل اطراف اقليمية ودولية الى هذه الصيغة ،وفي ابريل الماضي بُذلت مساعي، لإنفاذ هذا التصور، بصورة تضمن دورا لصالح ونجله، والارجح ان يكون نجله صاحب الدور القادم في الشراكة المرتقبة!
هذه الطريقة ستطيح حتما بأي أمل لبناء دولة حقيقة، ركيزتها الاساسية مؤسسة جيش وطنية. ستتغلغل العصبيات اكثر، وستزداد حالة الاستقطاب، ولن تهنا البلد حتى باستقرار هش.
كي لا نقع في شراك مغالطات، يعاد تسويقها الآن بصور مختلفة، يجب ان يقول السياسيون ومسؤولوا الحكومة الحقيقة للناس.
هل هو تفاوض ام مشاروات ؟
يشير بند في جدول الاعمال المسرب بصراحة الى ان جنيف 2 سيكون مؤتمرا تفاوضيا بامتياز، فهو يؤكد على ضرورة ان يتمتع كل من وفدي السلطة الشرعية والحوثيين وصالح ” بكامل الصلاحية للتفاوض على اتفاقات ملزمة .. “.
بعبارة حاسمة، لن يكون اللقاء المزمع، مكرسا لتنفيذ القرار الاممي ، بل تفاوضا للإحتيال عليه، سترسم ملامحه الجديدة وحدوده، القوة العسكرية على الارض، وليس الشرعية المحلية او الدولية.
ستحتاج السلطة الشرعية الى مهارة في التعامل مع الافخاخ، وإرادة حاسمة لرفض اعادة تدوير القتلة، بل وضمان ملاحقتهم . قبل ذلك عليها ان تدرك ان التسويات الترقيعية التي لا تضمن انفاذ العدالة، وعد جديد بحرب اشد وأفظع.