مدنية المدينة الحالمة

تقاوم المدن سلاطينها وأعداءها، ومن يريدون تركيعها، وتستخدم لذلك كل الوسائل التي من شأنها الانتصار لهويتها الجامعة، وفي مقدمة هذه الوسائل النضال السلمي الذي يكشف الوجوه القبيحة للأعداء، ويفضح همجيتهم، ويرد كيدهم.
وتعز ليست استثناء من هذا، فكم قاومت ولا تزال، وفي كل مرة تتمسك بسلميتها ومدنيتها وحلم أبنائها في بناء دولة النظام والقانون، وهذا ما جعل الأعداء يتكالبون ضدها بكل الأزمان وبتنوع الوسائل.
اليوم، تشن مليشيات الحوثي وعصابات عفاش أبشع الحروب وأقذرها، باعتبار ذلك وسيلة المفلسين الذين حاولوا من قبل النيل من مدنية هذه المدينة التي ظلت نبراسا للمدنية في اليمن، وهي تحمل القلم باعتباره سلاحها الناجع الذي أوصلها لتكون رائدة المدن اليمنية.
وحين تتحدث عن مدنية تعز، فإنك تتحدث عن نضالها ضد جماعات العنف المذهبية والمناطقية، لأن تعز التي تمثل الوعي الجمعي للحالمين اليمنيين ترتكز على منهجها الثقافي التنويري الذي حمل لواءه مجموعة من المفكرين والقادة الذين أسهموا إسهاما بارزا في كل المجالات العلمية والاقتصادية والسياسية والثقافية على حد سواء.
ولذا، كانت هذه المدينة ترفض بفطرتها أن يحكمها العسكر أو القوى الدينية، لأنها لا تقبل إلا أن يكون ربانها رجلاً مدنياً، يعكس سلوكها الحضاري والثقافي. ولذا، لا غرابة في أن يحن أبناؤها اليوم لمحافظها شوقي أحمد هائل في ظل تداعي بعض الانتهازيين على النيل من منصب المحافظ لصالح قوى وأشخاص غير مدنيين، يسخرون تعز لخدمة ثقافة غير ثقافتها ولخدمة نسيج اجتماعي قبلي، لا تعترف به مدنية هذه المدينة.