جريمة الجمرات والأيادي الخفية

من شهد حادثة الجمرات التي أودت بحياة أكثر من سبعمائة حاج يدرك أن ورائها مدبر خارجي. وأن الجريمة تأخذ بعدا سياسيا واستراتيجيا. ثمة من يريد العزف على أوجاع المملكة بشأن هذه الحادثة المروعة. شهد الموقف كثير من الحجيج، ففي لحظة الزوال تدافعت مجاميع وحشود متماسكة من الأفارقة يرفعون أصواتهم فوق كل الأصوات ويشقون الصفوف يمسكون ببعضهم يزحفون باتجاه الجمرات. وقد رآئهم كثير من الحجاج وهم يرقصون بعد الرجم في حشود كبيرة قاطعة للطرقات. وبنفس الطريقة اتجهت حشود من الايرانيين التماسكة بعكس اتجاه الحجيج فحدث الإختناق وصعب على الحجيج المتواجدين عند الجمرات الخروج لأن التدافع صار من كل الإتجاهات وبهذا حدثت الكارثة. اكثر من مئة وخمسين حاج ايراني توفى وعدد آخر في صفوف الجرحى! كيف يمكن قراءة مثل هذا العدد من الوفيات الايرانيين؟ محطات التلفزة الايرانية من اللحظة الأولى تتحدث عن جريمة الحج وتتهم المملكة بالتورط فيها، وهي التي كانت تطالب منذ مدة باستقلالية البقاع المقدسة! وتروج في قنواتها للقول أن البقاع المقدسة محتلة! بل كانت ولا تزال فروع إيران السياسية والشيعية في البلدان العربية تعد عناصرها بتحرير البيت الحرام ثم المسجد الأقصى. ليس من صالح المملكة ولا دول الخليج العربي ولا العرب بشكل عام أن يحدث مثل هذا في المشاعر المقدسة باعتبارها رمزا لوجودهم وانطلاقتهم الرسالية والحضارية التي شعت أنوارها في العالمين. مما لا شك فيه أن مثل هذه المأساة بحاجة الى دراسة وتنظير وتخطيط دقيق لتفادي وقوعها مستقبلا. لكن المراقب عن كثب ممن هو شاهد عيان يصل الى يقين أو شبه يقين أن وراء المأساة أياد خارجية مدبرة. قد تكون إيران إحدى هذه الأيادي ولكن كيف يمكن قراءة مشهد تدافع الأفارقة المتماسكين الراقصين؟ وهل الرقص جزء من الشعائر؟ أعتقد أن في الأمر شيء وأن مستأجرين دفع بهم لفعل ذلك لخنق الحجاج. وفي هذا المقام نعزي أنفسنا والمملكة وبلاد العرب والاسلام بهذا المصاب الجلل ونترحم على شهداء الحجيج ونسأل الله لهم الفردوس الأعلى.