أبغض الحرب

أبغض الحرب وأبغض نفيرها وأبغض رائحة البارود المنبعثة من فوهات البنادق والمدافع وكل ألات الحرب.

صرت أبغض أصوات الطائرات ودوي الانفجارات التي طالما كنت أستمتع بسماعها في الأعياد والمناسبات.

كما صرت أبغض كشارة المحاربين ومناظر المسلحين وهم يتوزعوا على الشوارع والطرقات صانعين ثكناتهم التي لم تخلف سوى ذعر للمارة ومن يقف إلى جوارهم كما إنهم قد لا يتورعوا عن إطلاق صفيحة الرصاص على من يتوقف إلى جانبهم دون أي وازع إنساني دون أن يرف لهم جفن.

بل صرت أبغض القادة الذين أشعلوا الحرب وتباهيهم بإبادة الناس والجنود ممن هم معهم على إنهم قدموا التضحيات ومن يختلفوا معهم على إنهم انتصروا على خصمهم وكبدوه خسائر فادحة وأبادوا أتباعه.

حتى رائحة الدم التي تفوح من أعماق وطني بعثت لدي اشمئزاز وحسرة وندامة على انتهاء أبناء وطني وجيلي وقتلهم لبعضهم البعض لا لأجل شيء ونما لإشباع رغبة مشعل فتيل الحرب وقادة الحروب.

لقد أنتكئ الجرح وفاحت الأحقاد والكراهية وماتت الإنسانية وصار كل شخص يبحث عن الانتقام مما سواه لأنه يختلف معه بالرأي أو بالفكر أو وجهة النظر.

لقد حولت الحرب بعض المجتمعات إلى وحوش كاسرة تقتل وتدمر؛ وأخرى ضحية مكسورة ليس أمامها إلا المقاومة أو الانتظار لحلول النازلة عليها وقدوم الجلاد ليقتادها إلى السجون و ساحات الموت.

لقد انتهت الإنسانية واندثرت معالم الجمال الروحي بعد أن شوهت ألت الحرب معالم الجمال الطبيعي ودمرت معالم البناء الحضاري.

أبغض الحرب لأنها لم تترك شيء جميل ولم ترسم إلا تلك اللوحة المحترقة المهترئة الملطخة بالدم المبروزة بالحزن والألآم.