300 يوم على الحرب في اليمن بالأرقام والنسب والجبهات

ملت الحرب في اليمن 300 يوم على بدء التدخل العسكري للتحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن بقيادة السعودية، شهدت خلالها البلاد مواجهات عنيفة عمّت المدن والمحافظات اليمنية وتغيرت معها موازين القوى الميدانية، لتصل المعارك إلى أطراف صنعاء الشرقية مع قرب انتهاء الشهر العاشر من الحرب.

بدأ التحالف العربي تدخّله العسكري بالعمليات الجوية ضد الحوثيين وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، في الـ26 من مارس/آذار العام الماضي، تلبية لطلب من الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، بعد أن تقدّم الحوثيون وحلفاؤهم باتجاه مدينة عدن، التي كان هادي قد غادر صنعاء إليها واتخذ منها عاصمة مؤقتة للحكومة الشرعية.

غادر هادي وحكومته عدن التي سقطت بأيدي الحوثيين، ليبدأ التدخّل العربي بضربات جوية طاولت أهدافاً يسيطر عليها “الانقلابيون” في 19 محافظة يمنية، وشهدت عدن والمحافظات المحيطة معارك طاحنة بين “المقاومة” والقوات الموالية للشرعية من جهة، والانقلابيين من جهة أخرى، لتنتهي المعارك في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، بتحرير عدن والمحافظات الجنوبية، وهي المرحلة الأولى من التحوّلات الميدانية لصالح الشرعية والتي أجبرت الانقلابيين على ترك الجنوب.

شمالاً كانت تعز ومأرب جبهتي مواجهات مباشرة بين الانقلابيين، “والمقاومة” التي تألفت من مقاتلين غير نظاميين محسوبين على قوى مختلفة وعسكريين موالين للشرعية، وصولاً إلى سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، حيث بدأت القوات الموالية للشرعية مسنودة بقوات من التحالف مرحلة ثانية من الانتصارات الميدانية بتحرير أغلب مناطق محافظة مأرب، التي تحتل موقعاً استراتيجياً وتتصل بمناطق تابعة إدارياً لصنعاء (الضواحي). وخلال هذه الفترة كذلك تمكّنت القوات الموالية للشرعية وقوات من التحالف، من السيطرة على “باب المندب” في الساحل الغربي لتعز، وتحديداً في أوائل أكتوبر/تشرين الأول.

في ديسمبر/كانون الأول بدأت “المقاومة” وقوات الجيش الموالية للشرعية مرحلة ثالثة من الانتصارات الميدانية (بعد مرحلتي الجنوب ومأرب)، وتمثّلت المرحلة الجديدة بالسيطرة على أغلب مناطق محافظة الجوف الواقعة شمال مأرب، وهي ثالث أكبر المحافظات من حيث المساحة، بالتزامن مع عمليات في محافظة حجة الساحلية على البحر الأحمر والحدودية مع السعودية، حيث تقدمت قوات من الشرعية مسنودة من التحالف باتجاه منطقتي “ميدي” و”حرض”، وفيهما يوجد ميناء ومنفذ حدودي هو الأهم مع السعودية، وكذلك فتحت “المقاومة” جبهة في أطراف صنعاء الحدودية مع مأرب.

اقرأ أيضاً: سباق أمن عدن: اغتيالات واعتداءات لإفشال خطة تثبيت الشرعية

أبرز المحافظات المشتعلة

في الشهور الأولى للحرب، كانت عدن ومحيطها بدرجة ثانية (لحج، الضالع، أبين، شبوة)، من أبرز مناطق المواجهات المباشرة والعمليات الجوية، وفي المرحلة الثانية بقيت مأرب وتعز أبرز جبهتين مشتعلتين بالمواجهات المباشرة والغارات الجوية. غير أن تعز نالت النصيب الأكبر ولا تزال من المواجهات المباشرة والضربات الجوية، وبدرجة ثانية شهدت محافظات الجوف وحجة وإب مواجهات مسلحة لا تزال متواصلة بنسب متفاوتة.

على صعيد الضربات الجوية، فقد تركزت في المدن التي شهدت مواجهات مباشرة، جنوباً وفي تعز ومأرب، بالإضافة إلى صنعاء وضواحيها، حيث ترابط العديد من معسكرات الحرس الجمهوري والقوات الموالية للرئيس المخلوع وألوية الصواريخ التي كانت هدفاً متكرراً للتحالف. كما كانت محافظة الحديدة والمناطق الساحلية الغربية بشكل عام، هدفاً لعدد كبير من الضربات الجوية، وسيطرت قوات التحالف فيهما على جزيرتي “زُقر” و”حنيش الكبرى” وهما من أكبر الجزر اليمنية في البحر الأحمر.

إلى ذلك كانت صعدة، المعقل الأول للحوثيين، من أبرز المحافظات المتأثرة بالحرب، حيث نفذت مقاتلات التحالف آلاف الغارات الجوية، طاولت أبرز المقار والمعسكرات والمواقع التي يسيطر عليها الحوثيون، وصولاً إلى الطرقات والمنشآت التي تستفيد منها الجماعة، مع تركيز الضربات في المناطق الحدودية مع السعودية والتي تشهد بدورها معارك وقصفاً متبادلاً بوتيرة تتصاعد بين الحين والآخر. وحاول الحوثيون من خلال هذه المناطق تنفيذ هجمات انتقامية وإحداث اختراقات بالجانب السعودي للرد على العمليات الجوية.

تحالفات الحرب

كانت أطراف الحرب داخلياً، ممثلة بالحوثيين الذين توسّعوا من صعدة وسيطروا على صنعاء في 2014، بالإضافة إلى قوات من الجيش (الحرس الجمهوري) والأمن موالية لصالح، الذي مثّل حزبه “المؤتمر الشعبي العام” حليفاً قوياً للحوثيين خلال الحرب. في المقابل، فقد انحازت للشرعية معظم الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، وفي مقدمتها حزب “التجمّع اليمني للإصلاح”، وحزبا “الاشتراكي” و”الناصري” (منقسمان إلى حد ما)، وتيارات من السلفيين والحراك والجنوبي، فضلاً عن جزء من الجيش والأمن ممن أعلنوا ولاءهم للشرعية ومن شخصيات قبلية وسياسية وعسكرية كانت على خصومة مع الحوثيين، ويساندها التحالف العربي بقيادة السعودية وأربع دول خليجية.

حصيلة غائبة

خلال الحرب تضررت معظم المدن وتعطّلت الحياة العامة والأنشطة التجارية والتعليمية إلى حد كبير، وانقطعت الكهرباء عن أغلب محافظات البلاد، كما وصل سعر البنزين في السوق السوداء إلى نحو ثمانية أضعاف سعره الأصلي، وخصوصاً في الشهور الأولى للحرب. أما في الشهور الأخيرة، فقد تحسّن الوضع تدريجياً في المحافظات المحررة، فيما بقيت محافظة تعز، حيث الحرب الأوسع، الأكثر تضرراً بشكل مباشر من حصار المليشيات والقصف اليومي باتجاه المدينة.

وعلى صعيد الإحصائيات، تتفاوت الأرقام المعلنة من قبل الجهات الرسمية وتتباين في تفاصيلها، إذ تشير الإحصائيات الحكومية إلى سقوط ما يقارب 21 ألفاً بين قتيل وجريح، حوالي ثلثهم من القتلى، منذ بداية الحرب التي شنتها “مليشيات الحوثي”. من جهتهم، أعلن الحوثيون في آخر إحصائية صادرة عن مركز مقرّب من الجماعة، سقوط 8143 قتيلاً، بينهم 1519 امرأة و1996 طفلاً، وهو رقم مبالغ مقارنة بما أعلنته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، والتي أشارت إلى مقتل 747 وإصابة 1108 حتى بداية العام الحالي. فيما تكشف إحصائية الجرحى التي حصلت عليها “العربي الجديد”، من قِبل الحوثيين، أن عددهم 15184، حتى الـ19 من يناير/كانون الثاني الحالي.

وتُقدّر مصادر عسكرية مقربة من الحوثيين وأخرى من “المقاومة”، عدد القتلى والجرحى العسكريين من الحوثيين والموالين لصالح بأكثر من 20 ألفاً، في حين لا تعلن الجماعة عن إحصائيات لضحاياها العسكريين، فيما تشير إحصائية الأمم المتحدة إلى سقوط أكثر من ثمانية آلاف مدني بين قتيل وجريح، بينهم أكثر من 2700 قتيل.

إلى ذلك، تتحدث إحصائيات الحوثيين عن قصف طاول 14 مطاراً وعشرة موانئ ومرافئ و512 جسراً وطريقاً ونحو 970 منشأة حكومية وما يقارب 600 ناقلة، واستهداف 190 مصنعاً و238 محطة وقود وعشرات المخازن ومحطات شبكات الاتصال وغيرها، وكلها إحصائيات لم يتسن التأكد منها من مصدر مستقل، خصوصاً مع وجود مبالغة واضحة في الإحصائيات.

أبرز النتائج المحققة

لعل أبرز نتائج الحرب خلال 300 يوم، عودة الحكومة اليمنية وهادي إلى البلاد، وتحرير أغلب المحافظات (أكثر من 75 في المائة من الأراضي اليمنية باتت خارجة عن سيطرة الحوثيين وصالح)، فيما جرى تحرير المحافظات الجنوبية بدءاً بعدن وانتقلت معارك التحرير الميدانية إلى مأرب ووصلت مرحلة متقدّمة في الجوف وحجة شمالي البلاد، مع فتح جبهة في أطراف صنعاء الشرقية. من جهة أخرى، فإن الوضع الإنساني والاقتصادي شبه منهار في الكثير من المحافظات، في وقت من المتوقع فيه أن تتواصل المعارك في الفترة المقبلة لتحرير ما تبقّى من مناطق الجوف والمناطق الساحلية في محافظة حجة، وصولاً إلى محافظة تعز، حيث تدور المعارك بصورة شبه يومية منذ أبريل/نيسان الماضي.