الفساد يضع قيادات العسكر اليمني في نعيم معيشي

قالت دراسة حديثة حصلت عليها “العربي الجديد”، حول الأوضاع المعيشية للعسكريين في اليمن، إن 40% من سائقي الدراجات و25% من سائقي سيارات الأجرة هم من العسكريين. وتشير الدراسة إلى أن العسكر هم من فئة الفقراء. في المقابل، فإن أغلب المنتسبين إلى سلك الدفاع والجيش والأمن في اليمن كانوا حماة النظام السابق ووقفوا أمام ثورة الشباب التي جاءت مطالبة بأوضاع معيشية أفضل. وهؤلاء لم يكونوا أحسن حالاً من الشباب الذين أطلقوا ثورة مطالبة برحيل نظام تمخّض عن فترات حكمه المزيد من الفقر والبطالة وغياب للعدالة الاجتماعية، وألواناً مختلفة من الأزمات.

يقول خالد، أحد منتسبي وزارة الدفاع اليمنية ويعمل في المخازن الرئيسية للوزارة، إنه يحمل المنتجات الغذائية المختلفة إلى هذه المخازن، إلا أنه لا يرى الكثير منها على مائدته هو وأقرانه الجنود. ويؤكد لـ”العربي الجديد”، أن المواد الغذائية المرتفعة الثمن في المخازن، ما عدا البقوليات، لا تجد طريقها إلى منتسبي الجيش، بل إنها تتجه إلى بيوت القادة العسكريين والأمنيين الذين يقومون ببيعها.

موازنة عسكرية

“ما يزيد عن ملياري دولار، قيمة الموازنة السنوية لوزارة الدفاع، مستحوذة على 32% من إجمالي النفقات العامة للدولة، وقرابة 1.5 مليار دولار موازنة وزارة الداخلية، في حين أن أغلب منتسبي هاتين الوزارتين من أفقر موظفي الدولة. هذه الموازنات الكبيرة لا تصل إلى العاملين في الميدان من أفراد بل إنها تذهب أدراج الفساد”، حسب ما يقول الكاتب الاقتصادي محمد العبسي في مدونته، منتقداً هذه الأرقام المهولة لوزارتي الدفاع والداخلية في بلد نصف شعبه تحت خط الفقر.

مصدر في وزارة الداخلية اليمنية، فضّل عدم ذكر اسمه، يشير لـ”العربي الجديد”، إلى إن منتسبي الشرطة والأمن، خاصة الأفراد، يواجهون أوضاعاً اقتصادية صعبة جراء قلّة الدخل وارتفاع تكاليف المعيشة. ويشير المصدر إلى أنه تم إلغاء مختلف الاعتمادات الإضافية للعسكر، إثر الحرب الدائرة، بما فيها السلة الغذائية التي كانت توزع لهم كل ثلاثة أشهر. ويؤكد المصدر أن هناك فساداً كبيراً تمارسه القيادات العليا في وزارتي الداخلية والدفاع على مر العقود الماضية، وذلك من خلال تبديد موازناتهما المالية دون تسخيرها لخدمة منتسبي الجيش والأمن، حيث تعمل على رفع سجلات تتضمن أسماء وهمية وتتقاضى رواتب شهرية عنها وهي التي لا وجود لها في ميادين العمل والتي تلتهم حوالي 700 مليون دولار سنوياً، وفقاً للتقديرات الرسمية، فضلاً عن فرض رواتب لـ11 ألف شخص من أفراد القبائل من دون أن ينتموا إلى الجيش.
الباحث الاقتصادي عامر عبد الوهاب يقول لـ”العربي الجديد”، إن النظام السابق الذي ترأسه علي عبد الله صالح لمدة 33 عاماً كان يعمل على منح الجزء الأكبر من موازنة الدولة العامة للسلك العسكري وفق مصالح ذاتية تخدم بقاءه في السلطة. وكانت هذه الاعتمادات المالية الضخمة لا تسخّر من أجل الجنود بل للقيادات العسكرية الكبيرة، ليضمن من خلالها ولاء هذه القيادات والعمل إلى جانبه وحماية الكرسي التي يجلس عليها.
من جانبه، يقول الباحث الاقتصادي يوسف البكري لـ”العربي الجديد”، إن حصة وزارة الدفاع اليمنية من الموازنة السنوية للدولة تفوق 20%، الأمر الذي يكشف عن غياب العدالة الاجتماعية في بلد يعاني سكانه من العوز. ويشير البكري إلى أن الفساد الذي ظل يمارس في المؤسسات العسكرية المختلفة كان سبباً رئيسياً في وضع منتسبي السلك العسكري على حافة الفقر نتيجة قلّة الدخل مقارنة بمختلف موظفي الدولة.